الأربعاء، 4 يونيو 2008

المريض دواره مر (3) ..


لا يخفى على أصغر المتابعين في الشأن السياسي الكويتي بأن الحركة الدستورية الإسلامية هي التيار الإسلاموي الوحيد - و لست أبالغ عندما كتبت الوحيد - المنظم تنظيماً حزبياً عالي المستوى عند اخمص خط هيكلته المتمثل بالمؤيدين مروراً بالكوادر انسحاباً إلى اجنحتها الطلابية و الاجتماعية حتى رأس الهرم الهيكلي المتمثل بالأمانة العامة للحركة ..

ولا خلاف ، بل إجماع منقطع النظير أن السبب الرئيسي لهذا التنظيم يعزونه السياسيين إلى الترابط الآيديولوجي بين الحركة الدستورية الإسلامية و حزب الإخوان المسلمين المحظور في شتى بقاع المعمورة العربية ..

و لكن ما يهمني عند ذكر الحركة الدستورية الاسلامية هو توجيه نقد عام لممارسات هذه الحركة التي حولتها في نظر المواطن الكويتي البسيط إلى حركة متكسبة تبحث عن الصالح الخاص و لا غير هذا الصالح الذي يستفيد منه مجموعة ترابطت آيديولوجياً ثم ترابطت اجتماعياً حتى خلقت لها مدينة خاصة لها مناطق خاصة و شوارع خاصة فيها مؤسسات خاصة و وظائف و مناصب خاصة حتى باتت دولة خاصة داخل الحدود السياسية لدولة الكويت ..

و حتى اكون منصفاً و عادلاً و لأكسب نصي روحاً من الحيادية أقول : يعيب على الحركة الدستورية الاسلامية إنها - و من خلال مكتبها النيابي في المجلس - تحاول ان تتكسب مصلحياً من الحكومة مستغلة الإستجوابات التي يقدمها النواب للوزراء ، حيث انها تفرض نوعاً من المقايضة السياسية فيما بينها و بين الحكومة من خلال ان تصوت مع الوزراء على ان تقدم الحكومة تنازلات تقوي من مصدر قرار الحركة في الدولة . و هذا استنتاج سببه ان المكتب النيابي للحركة يتأنى قبل استصدار قرار الإعدام السياسي بحق الوزراء ..

شخصياً لا اعيب هذه الممارسة للمكتب النيابي للحركة لأنها دليل على رقي المفهوم السياسي لدى نواب الحركة الدستورية ، و لأن العقل لا يقبل استصدار حكم قبل المداولات ، و بالتأكيد لن ينسحب هذا الأمر على عموم مرشحيها ، إلا أن إحسان النية مسبوق دائماً ما لم يأتي دليل يؤكد ما يعيب ..

هذه الحركة استطاعت و من خلال قدرتها الإعلامية الهائلة على صبغ نفسها صبغة الملاك الذي يصيب دائماً و لا يخطئ !! و هذا لعمري منافي لواقع الحياة البشرية المليئة بالمغالطات من كل انواعها ، و لن تكون المغالطات الأخلاقية بعيدة عنها إلا إنها تظل ذات طابع شخصي لا يجوز ان يعمم ..

الغريب في الأمر أن نفس الحركة لم تستطع السيطرة على الجماهير الغاضبة خاصةً في فترة الإنتخابات فأظهرت توتراً يعيب ممارستها و خبرتها في مجاراة العمل السياسي و الناخبين ، إلا إنها هذه المرة أخفقت كثيراً و لم تستطع حتى إقناع ناخبينها في الدائرة الثالثة - و لن اعتبر نجاح جمعان الحربش نجاح للحركة - بأن الإشاعات و المغالطات التي انتشرت ضدها ما هي إلا اوراق يستغلها البعض لضرب الحركة إنتخابياً و ان هذه الاوراق لا تمت لا للواقع و لا للحقيقة بصلة . و لم تقم الحركة حتى بتوضيح الأوراق بل توجهت إلى القضاء مباشرة !! ..

أين المرض الذي أصاب الحركة ؟ ..

إنظروا معي إلى جمل مقتبسة من موقع الحركة نفسها " ونسعى لتحقيق ذلك من خلال الممارسة السياسية والأدوات البرلمانية والوسائل المشروعة ضمن الإطار الدستوري ووفقا لقاعدة ( أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) " ..

فالممارسة السياسية و الوسائل المشروعة ضمن الإطار الدستوري تبيح لي نقد الحركة حتى و إن اخطأت ، فلماذا التوجه للقضاء ؟! و أين تطبيق الآية السابقة من منهاج الحركة ؟! ..

الغريب عندما اكملت قراءة ذات الرابط عن الحركة انظروا ماذا وجدت !! " أعلنت قوات التحالف في 26/2/1991 عن تحرير الكويت نهائيا من براثن الاحتلال الغادر ، وبعدها بشهر كانت الحركة تعقد مؤتمرها الأول معلنة عن نفسها وبدء نشاطها ، ولقد جاء إعلانها في فترة شهدت إختلالا سياسيا لغياب سلطة الحكومة بعد التحرير مباشرة ..... لقد تولد في ظل هذه الأجواء تيارا شعبيا غاضبا ومتذمرا " ..

وضعت الفقرة حتى يتم فهمها بالشكل المطلوب و يمكنكم الرجوع للرابط للتأكد !! ..

تقول الحركة الدستورية الاسلامية إن هناك تيار شعبي غاضب متذمر تولد بعد التحرير بشهر - و هي تقصد نفسها بالتأكيد !! و ما اعرفه و يعرفه الكثيرين و عايشه الكويتيين ان التحرير كان كالماء البارد الذي يتسرب إلى الجوف في ظهيرة صيفٍ مشمسٍ و حار ، و ما كان الحوار آنذاك إلا الشكر الحزيل لكل من ساهم في تحرير ارضنا و لم يكن هناك تيار غاضب ..

هذه الفقرات تذكرني في بيان تونس الشهير الموقع في 9\9\1990 بين اتحاد طلبة الكويت بقيادة الإئتلافية صغيرة حدس في الجامعة و بين اتحاد طلبة تونس الذي كان بقيادة حزب الإخوان المسلمين و الذي وصف فيه الغزو العراقي الغاشم بـ " الخلاف " بين " الكويت " و العراق !! بيان موقع من ممثل الطلبة الكويتيين لا يقر بأن الكويت دولة و لا يقر بالغزو و يطالب في احد بنوده بإجراء إنتخابات عامة ..

أ تعلمون لما الإنتخابات العامة ؟ إنها لإختيار رئيس الدولة !! و كأنه لا وجود لدستور نص في مادته الرابعة على أن الكويت إمارة وراثية في ذرية مبارك الصباح ..

الحركة " الدستورية " الإسلامية تقوم بممارسة سياسية ضمن ما يشرعه الدستور ، او هذا ما ذكروه في موقعهم ، فبالله عليكم أين هو هذا الدستور الذي يدعوا إلى عمل إنتخاب لمنصب الإمارة ؟! ..

الغريب إن الحكومة لم تحرك ساكناً إتجاه قيادة اتحاد الطلبة الذي لا زالت مسيطرة عليه ذات القائمة التي قادت الاتحاد في سنة 1990 و وقعت بيان تونس ، و لا نعلم الأسباب !! ..

قد يقول البعض ان الحركة لا يوجد تمثيل لها في الجامعة و ان قياسي هذا خاطئ و هو جهل مركب ، و لكن ادعو تلك الأصوات - إن تجرأت - إلى مراجعة مقابلة الأمين العام للحركة الدستورية الاسلامية عندما سئل عن بعض مواقف الحركة المبهمة فأجاب بأن الحركة مواقفها واضحة و معلنة و يمكن الرجوع إلى أدبياته و استراتيجياتها المتمثلة في اتحاد طلبة الكويت ..

نصيحة للحركة الدستورية الإسلامية ، إذا وددتم رفع قضية جديدة على المدونة فأهلاً و سهلاً ، و لكن لترفعوا قضية على انفسكم لأن ما أعقب عليه مصدره موقعكم ..

يبدو أن مرضى الدواء المر صاروا كثر و لذلك ترقبونا في الحلقة القادمة ..

ليست هناك تعليقات: