الأربعاء، 5 أكتوبر 2016

معضلة الإنتخابات الطلابية والعنف الطلابي!

تعاصرنا هذه الأيام أهم مناسبة طلابية كويتية على الإطلاق، ألا وهي مناسبة انتخابات الاتحاد الوطني لطلبة الكويت والجمعيات والروابط لكليات جامعة الكويت. ورغم كل نشاط يملأ هذه المناسبة من حوار ومناظرات وبرامج طلابية، إلا أن الصحافة الكويتية -وبتعمّد مفضوح- لا تسلط عيون أجهزتها التصويرية ولا تشحذ أقلام كتابها إلا ضدها، والتي لا تنفك تصورها حلبة ملاكمة بين طلاب يتخذونها سبباً في تدنيس حرم الجامعة المقدس عبر ممارسة هواية العنف!

وقد كتبت بالأمس مجموعة من التغريدات في تطبيق المُغرّد\تويتر معلقاً على أحداث العنف الطلابي، سواء الإنتخابية منها أو غير الإنتخابية، ورداً على من يحتج بهذه الأحداث في مطالباته بإلغاء الإنتخابات. ولأعيد صياغتها في هذا الموضوع، سأفترض أن ٥٠ طالباً تسببوا طوال العام الدراسي بارتكاب ٢٥ مخالفة عنف، واسمحوا لي وفق افتراضي هذا أن أتساءل: هل تعميم تلك المخالفات على أكثر من ٥٠٠ طالب وطالبة -على أقل تقدير- يمثلون الفاعلين في انتخابات الجامعة من الحصافة بمكان؟ ولأجاوب: أن ذلك التعميم -عدا عن كونه ظلمٌ بيّن- هو قِصَرُ نظر! ولو وُجدت إحصائية شهرية بأحداث العنف الطلابي داخل الجامعة، لوجدناها تؤكد أن عدد الحالات في أي شهر ستفوق تلك الحالات التي تحصل خلال شهر الإنتخابات. وأظن أن الإعلام غض بصره عنها حتى لا يطلع علينا أحد مخابيل الأمة من يلطم لإغلاق صروح العلم كلّها!

لقد قمت بنفسي- أثناء خوضي لتجربة العمل الطلابي عبر قيادتي دفة فرع القائمة المستقلة بكلية الهندسة والبترول في العام الدراسي ٢٠٠٦\٢٠٠٧- بإحصاء حالات العنف طوال ذلك العام، شاملاً الإنتخابات الطلابية التي جرت أول العام الدراسي اللاحق. وبتحليل الدراسة الإحصائية خرجت منه بالنتيجة التالية: أن المنضوين لمجموعات العمل الطلابية هم الأقل في ارتكاب حالات العنف، ذلك أن الإنتماء للمجموعة يفرض قيماً على الأفراد لا يتحلّون بها وهم في حالتهم الفردية الخالصة، كالمحافظة على نقاء صورة المجموعة، وحسن سمعتها. بل يسعى هؤلاء الأفراد المجموعيين إلى تغيير الصورة النمطية المشوهة لمجموعتهم ما وسعهم ذلك، بالتزام السلوك القويم، والأخلاق الحسنة، وعدم مخالفة الآداب العامة والأعراف، وهي قيمٌ لا يُعيرها الفرد اهتماماً وهو في حالته الفردية الخالصة، فيستسهل ارتكاب العنف محافظةً على كبريائه.

بل إنّي -لخبرتي الطويلة في العمل الطلابي- أذهب إلى أبعد من ذلك، لأبرئ كل الحركيين الحقيقيين المنضوين تحت لواء الحركة الطلابية، الذين انتموا لمجموعاتهم قناعةً لمنطلقاتها، لا فزعةً لأفرادها، ولا نكايةً بخصومها  -إلا ما ندر منهم- من حالات العنف تلك. ولا أدّخر ظنّي في رمي تلكم النّوكى ممن فزع نصرةً لصحبة لا لحق، أو لمصلحة خاصة، أو نكايةً بغريم، لأتهمهم بأكثر حالات العنف الطلابي الإنتخابية التي حفظتها ذاكرة الحركة الطلابية الكويتية وسجلات الصحف المحلية.