الخميس، 21 أغسطس 2008

المريض دواه مر (5) ..

و انا ابحث عنها ، اصطدمت المعاني بالكلمات ، فلم استطع صياغة ديباجة تستحق المكانة التي وصل إليها صاحب الصورة المحاط بعناصر الحماية الشخصية اللبنانية الجنسية و الفارسية الملامح ، و لعلي اكتفي بالصورة كتجريد لما تكون عليه تلك الشخصية ، بالنسبة لي على الأقل ..

إنه حسن عبدالكريم نصرالله ذو الثامنة و الاربعين تقريباً ، ولد في الجنوب اللبناني و عاش حياة الفقر و الحرمان التي اضطرت بأهله للنزوح إلى احدى قرى العاصمة بيروت المهملة ليعمل مع والده في بيع الخضار و الفاكهة ، اكمل دراسته الثانوية في الجنوب بعد ان رجع إليه إبان نشوب الحرب الاهلية ، و انضم لحركة امل ( مؤسسها موسى الصدر ) ليحارب الطابع الشيوعي الماركسي في بلده . تلقى تعليمه الديني في النجف على يد عباس الموسوي فأتم بسنتين دروساً تعطى خلال 5 سنوات !! . عاد إلى حركة امل هرباً من حزب البعث العراقي الحاكم آنذاك ثم انشق عنها من ضمن التيار الاصولي بسبب الخلاف السياسي مع بشير الجميل ليؤسس في العام 1982 حزب الله ..

أضع هذه المعلومات لكل من يسعى جاهداً ليقلد تلك الشخصية - التي هي في الأساس ناتج مجتمع منقسم متحارب لا يملك إرادة نفسه و تسيطر عليه عوامل القوى السياسية المحيطة - و يكررها في الكويت ذات المجتمع الصغير المتحاب المتآخي ، الذي عرف السلام و انتهجه ، مجتمع مستقل كامل الإرادة ..

إختياري لحسن نصر الله ضمن سلسلتي النقدية إنما هو من أجل توضيح أمر مهم قد خفى على أغلب من تعاطف مع قضايا لبنان ، التي ساهم نصر الله شخصياً و حزبه لحلها من خلال استرداد الأراضي المغتصبة من قبل الكيان الصهيوني آخرها عودة سمير القنطار و الاسرى اللبنانيين و عودة كافة الجثامين العربية من السجون و المقابر إلى الاسرائيلية لتنم قريرة العين في اراضيها ..

و لكن حسن نصرالله ليس إلهً غير الله في الأرض و ليس خليفته ، ليس نبياً مرسل ، و لا هو معصوماً و لست ممن يؤمن إنه المهدي العائد من ارض الإمامة و العصمة !! . إنما هو سياسي لبناني رضى ان يستلم أعلى منصب في حزب سياسي تستر بثياب المذهب لعله يسكت النقاد خوافاً من الحرب الأهلية الجديدة !! ..

خطآن كبيران قام بهما نصرالله فدمر كل الايجابيات التي قام بهى من مقاومة و استرداد اراضي و استعادة الاسرى :
اولهما هو اتخاذه لقرار الحرب بدلاً من الحكومة اللبنانية ، و أي حزبٍ وطني يجعل نفسه هو الحكومة و يستحل إرادتها و قراراتها ليدخل لبنان في حرب غير كفؤة دمرتها عن بكرة ابيها و قتلت ابناءها و شردت اسرها ، و كل ذلك لكي يأخذ البطل المقاوم الشهرة و السمعة بأنه المدافع الاول و الشجاع الاوحد صاحب الهوى الفارسي الذي قام بما لم يستطع فعله اعتى العرب !! ..

قد يقال بأنه هزم الجيش الإسرائيلي باعترافهم بينما إنتم - اي نحن ، ولا اعرف ما المقصود من " انتم " - تريدون إخراج السيد حسن بالصورة السلبية دائماً ! . لكنهم لا يريدون الاعتراف بأن الجيش الاسرائيلي اعترف بأن تدريباته العسكرية البرية قرب الحدود اللبنانية لم تأتِ اكلها لأن الجيش البري لم يقتحم الجنوب اللبناني لشدة وعورة الارض ، و ليس لقوة بطش السيد و اعوانه ، و هذا ما يدعونا لوضع الكثير من علامات الاستفهام حول علاقة الحزب باسرائيل ..

اما الأمر الثاني هو استغلاله - اي حسن نصرالله - وجود جناحاً عسكرياً في الحزب للولوج داخل العاصمة اللبنانية و السيطرة على مؤسساتها و ترهيب و قتل المواطنين لانه عارض ان تقوم الحكومة بالسيطرة على مؤسساتها و اتخاذ قرارات إدارية ليست لصالح الحزب ، بل ربما تعرض سريته و اتصالاته للنشر و المراقبة !! ..

هذان الحدثان اخرجا حزب الله من قائمة الاحزاب الوطنية اللبنانية ، و عليه ، تكون مقاومته للكيان الصهيوني ما هي إلا وسيلة لاحنفاظه بقضية تأتي له بالمؤيدين من كل بقاع العالم العربي و الاسلامي الذي يحلم يتحرير الاراضي العربية و الرموز المعمارية الاسلامية ، و وسيلة كذلك لاحتفاظه بجناج عسكري مدجج بالسلاح يساعده مستقبلاً للانقلاب على نظام الحكم اللبناني و تحويله إلى ولاية ايرانية تحتكم للوالي الفقيه شعارها ثورة حتى النصر و رمزها " الوعد الصادق " و منهجها " اكذب حتى يصدقك الآخرون " ..

اعلم ان الكثيرين سيتهمونني بالأمركة و سيجعلونني وهابي اموي اناصب العداء لآل بيت الرسول عليه الصلاة و السلام ، و لا اعلم لماذا ردة الفعل هذه ! . و لكن ما اعرفه ان الكثير من المغالين يرون بأن السيد مو رمز ديني و ممثل للمذهب الشيعي و الدفاع فيه حق يدخل صاحبه الجنة و الصمت عنه مهلك و جهنم و اللعن المستتر في القلب اضعف الايمان ، بل هو حيدرَ العهد الجديد و المهدي الذي طال انتظاره ..

لكني ما زلت اقول بأنه رجل سياسي عمامته سراب يبحث المتعاطفون لها عن الماء اثناء لهيب الصيف الحارق ، لكنهم لن يجدوا شيئاً ..

هل تريدون لمثل هذه الشخصية ان تتكرر في الكويت ؟ ، هل تريدون لهذا الحزب ان يكون له منتمون يأخذون بأرائه و تصوراته و فكره ؟ ، هل للثورة الخمينية مطالبين لا زالوا متمسكين بأن الرسالة المنزلة إلى العرب هي خطأ ، و ان دربها الصحيح هي بلاد فارس ؟ ، هل هناك من يرفضنا و يناصبنا العداء و يسعى لعودة كسرى لقصوره و شرفاته التي تهدمت عند ولادة النبي العربي ؟ ..

حزب الله ، الوالي الفقيه فرع لبنان ، معتنق الثورة الخمينية ، ستارها حب آل البيت ، تخدع العامة من الناس ، و لا تهدف للجنة الإلهية ، بل هدفها السيطرة و الحكم و النفوذ و المال ، إنهم يعبدون الله افضل مما تعبدون ، إنهم خوارج الالفية الجديدة ..

شجعتني مقالة الوشيحي ليوم الخميس 21\8\2008 بعنوان " السمك الايراني ... فتنة " فهو يقول بأنك ما ان تذكر ايران و مفرداتها حتى تأتيك الرسائل الهاتفية و الالكترونية من كل حدبِ و صوب ، و السمك الايراني ليس المفضل لي ، ولست ابغي الفتنة ، و لكني اريد ان اؤكد للعامة بأن السياسة و الساسة لا يعترفون بالدين إلا وسيلة صعود لمنصة الحكم و القضاء باسم الإله ..

إلى ان يحين لقاءنا مع كسرى الجديد ضيفاً ثقيلاً في سلسلتي النقدية على الرغم من قلة وزنه ..